وافق البيت الأبيض أخيرا على السماح للجنة المشكلة للتحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، بالاطلاع على أجزاء من التقارير الاستخباراتية التي كان الرئيس بوش يقرؤها كل يوم في الشهور التي سبقت وقوع تلك الهجمات· وعندما يبدأ أعضاء اللجنة في قراءة تلك الملخصات، فإننا سنلتمس لهم العذر إذا ما تساءلوا: علام كانت كل هذه الضجة؟·
لعدة شهور ظلت إدارة بوش ترفض الإفراج عن تلك التقارير، التي تعرف باسم الإيجاز اليومي للرئيس· ووفقا للترتيبات التي تم الاتفاق عليها والتي تم إعلانها هذا الأسبوع، سيتمكن بعض أعضاء اللجنة من قراءة أجزاء من تلك الإيجازات، بيد أن البيت الأبيض سيكون من سلطته إجراء عملية تحرير ومراجعة على تلك الأجزاء لحذف المواد التي لا علاقة لها بعمل اللجنة·
وقد انتقد بعض أعضاء اللجنة هذا الاتفاق، كما أن بعضا من عائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر طالبوا بجعل ذلك الاتفاق علنيا· وما يلزم قوله في هذا السياق، هو أن السجال الدائر حول تلك التقارير ليس فقط محيرا ولكنه أيضا مضلل· فالإدارة بشكل عام، والبيت الأبيض بشكل خاص، تعاونا مع اللجنة، وحولا إليها كميات ضخمة من الأوراق التي تحتوي على المعلومات ذات العلاقة· كما أن الرئيس بوش -بموافقته على هذا الاتفاق مع اللجنة- يريد أن يقول إن إدارته ليس لديها ما تخفيه·
بيد أن القليلين فقط هم الذين لديهم فكرة عما ستكشف عنه تلك التقارير· وهناك نقطة أود الإشارة إليها في هذا السياق - مع ملاحظة أنني أتحدث هنا بشكل عام ومن واقع الخبرة في الوقت نفسه، وهو أن الإيجازات اليومية للرئيس ليست سرية، وليست حصرية كما قد يتوقع الكثير من الناس· فتوزيع هذه التقارير -وهو ما يدعو للاستغراب- يتم على نطاق واسع، بل إن ما يحدث في غالبية الأحيان، هو أن بعض التفاصيل الواردة في إيجاز يوم معين، يمكن أن تجد طريقها إلى الصفحات الأولى في الصحف في صباح اليوم التالي·
وهذه الإيجازات يتم إعدادها في الليلة السابقة لليوم الذي سيتم تقديمها فيه، ثم تتم مراجعتها وتحريرها بعد ذلك من قبل مستشارة الأمن القومي الأميركي، تمهيدا لعرضها على الرئيس صباح اليوم التالي· وتحتوي تلك الإيجازات ضمن ما تحتويه على تقارير من مصادر متعددة، وخرائط، وصور ملتقطة بالأقمار الاصطناعية، ومقتطفات صغيرة ذات علاقة من المكالمات المعترضة من كافة الأنواع، وما إلى ذلك ·
إنها في أحسن صورها نوع من المعلومات المنتقاة، أو خلاصة أخبار تقدم للرئيس وتتعلق بما حدث، ولا تنبئ بشيء عما يمكن أن يحدث مستقبلا إلا فيما ندر من حالات· بالطبع يعتبر البعض هذه الإيجازات اليومية روتينية بل ومملة· وفي حالات نادرة، قد يلحظ المسؤولون مواد ذات أهمية خاصة بالنسبة للرئيس، ويقومون بإرسالها إلى أعضاء هيئة العاملين بمجلس الأمن القومي لإجراء المزيد من التحليل لها·
ولكن يبقى مع ذلك أن تلك الملخصات معدة لإطلاع الرئيس وهو ما يجعلها مادة مرغوبة للغاية· وبالإضافة للرئيس، تتم قراءة تلك المواد من قبل نائبه، ووزراء الدفاع، والخارجية والخزانة، ورئيس هيئة أركان البيت الأبيض، ومستشارة الأمن القومي وآخرين، وخصوصا في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي· آي· إيه · بالنسبة للأشخاص يعتبر السماح لهم بقراءة تلك الإيجازات مصدرا للفخر، أما بالنسبة للفضوليين من أطقم الموظفين لدى كل جهة من تلك الجهات فإنهم يحاولون أن يختلسوا منها نظرة عابرة إذا ما استطاعوا·
إذن يمكن القول إن جاذبية تلك الملخصات اليومية ستبقى حتى لو لم يتم التعامل معها دائما بعناية· إننا نتوقع من أعضاء اللجنة المكلفة بالتحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أن تتعامل بحرص وعناية مع إيجازات الرئيس الاستخباراتية· وعلى رغم أننا لا نتوقع أن يعثر هؤلاء الأعضاء على دليل إثبات يمكن به إدانة الإدارة، فإننا نأمل على الأقل أن يؤدي عملهم هذا إلى زيادة معرفتهم، ومعرفتنا كذلك، فيما يتعلق بكم المعلومات التي كانت تلك الإدارة تعرفها عن التهديد الإرهابي الذي كان يقف على أبوابنا في ذلك الوقت·
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز